جعفر عبد الكريم الخابوري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدوليه رئيس الجمعيه جعفر الخابوري

اذهب الى الأسفل

جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدوليه رئيس الجمعيه جعفر الخابوري  Empty جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدوليه رئيس الجمعيه جعفر الخابوري

مُساهمة من طرف جعفر الخابوري الخميس مايو 18, 2023 8:24 pm

مأساة بن المقفع

يمكن كتير منا قرأ، أو على الأقل سمع عن "كليلة ودمنة" .. تلك الملحمة التي قام بتأليفها "بيدبا" الهندي، وعرَّبها "عبد الله بن المقفع" العربي فارسي الأصل .. أعتقد حتى أن جميع نسخها نفذت لما نزلت في قصور الثقافة في العام الماضي!

يمكن اهتمامنا بالعمل بيكون هو شغلنا الشاغل، ولكن هل علمت حضرتك أن سيرة عبد الله بن المقفع الذي قام بالجمع والتعريب وإعادة الصياغة الرائعة التي قرأناها، تعد واحدة من أكثر القصص التاريخي مأساوية!!

عبد الله بن المقفع أو روزبة بن داذويه الفارسي، الذي اعتنق الإسلام وأتقن العربية، وصار عربيًا بحكم المكان والمنشأ، وأتقن فن الترجمة والتعريب، من الفارسية للعربية، ومن الهندية للعربية، وغير ذلك.

ابن المقفع كان مثقفًا واسع الإطلاع، كريمًا ذكيًا، واشتهر بالخلق الطيب وعزة النفس.
عاش بن المقفع في زمن الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور، ومن المعروف أن أبو جعفر كان على غير وفاق مع أعمامه، والذين كانوا يناطحونه ويحاولون تقويمه، وفرض بعض آرائهم ورؤاهم عليه.

عبد الله بن المقفع كان قوي الشخصية، كثير الإعتزاز بنفسه، وبسبب تمكنه الكبير من اللغة، قرر أعمام أبو جعفر المنصور أن يكون هو كاتبهم (الغير رسمي) .. أي هو من يقوم بصياغة ما يريدون وعرضه باسمهم على الخليفة أبو جعفر، لذا عند معرفة الخليفة هذا الأمر أثار ذلك حفيظته، وكان يريد الخلاص منه بأي شكل، وإبعاده عن أعمامه، ولكنه كان لا يستطيع لقرب بن المقفع الشديد من أعمامه، وأن الأمر لن يمر مرور الكرام!!

عبد الله بن المقفع كان يقطن البصرة، في وقت ولاية "سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة" عليها .. والذي كان على غير وفاق هو الآخر مع بن المقفع.

عبد الله بن المقفع من فرط ثقته وإعتداده بنفسه، كان لا يهتم بأمر سفيان ده خالص، ولا كأنه والي البصرة ولا حاجة، بل أن إرتكان بن المقفع على علاقته بأعمام الخليفة أبو جعفر جعلته لا يهتم بأحد، ولا يخاف من أحد، كان شديد البأس، قوي النقد، دائم السخرية، حتى من سفيان بن المهلب نفسه!!

كان سفيان بن المهلب معروفًا عنه أنه يمتلك "أنف" كبير، وكان بن المقفع عندما يدخل على سفيان في جلسة يلقي السلام بصيغة المثنى ويقول: السلام عليكما (في إشارة إليه وإلى أنفه 😃) وهذا من فرط استهزاءه به!!
وفي إحدى المرات أثناء جلوسهما معًا قال سفيان: ما ندمت على سكوت قط

ليرد عليه بن المقفع: الخرس زين لأمثالك فكيف تندم عليه!

وفي إحدى المرات التي غضب فيها سفيان بن المهلب من بن المقفع، قام بالإفتراء عليه كذبًا وزورًا، ليصل هذا الأمر إلى بن المقفع الذي غضب بشدة، وقام بسب أم سفيان بن المهلب ووصفها بـ "المغتلمة" ومعناها "المرأة سيئة السمعة"
ليصل هذا الحديث إلى سفيان بن المهلب ليزداد غضبه ويقول قولته الأشهر: والله لأقطعنه إربًا إربًا وعينه تنظر!!

قرب عبد الله بن المقفع من أعمام أبو جعفر المنصور وثقته الكبيرة في "الظهر" الذي يحميه، جعله يتجرأ على الخليفة نفسه، ويقوم بصياغة وصنع ما اسماه بـ "رسالة الصحابة" ووجهها إلى الخليفة أبو جعفر المنصور، وهي عبارة عن رسالة تحمل طياتها الكثير من التعاليم والإرشادات والنصائح إلى أولي الأمر، كي تعينهم على أمور الحكم، وتجعلهم يقيمون دولة العدل والإنسانية بين الناس، أسوة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وبما ترك الأثر النبوي الشريف، وخلافة صحابته الراشدة، وفي هذه الرسالة لم يعتمد عبد الله بن المقفع على توجيه الأمر أو النصح إلى شخص بعينه، وإنما كان الكلام في المجمل لكل ذي أمر، وكل راع مسئول عن رعية.

وعندما وصلت هذه الرسالة (الكتيب في حقيقة الأمر) إلى أبو جعفر المنصور، جن جنونه، وظن أنها بتوجيه من أعمامه مكيدة فيه، وثارت ثورته على بن المقفع، وقال قولته الشهيرة في إحدى المجالس، والتي صادف أن كان سفيان بن المهلب جالسًا فيها: من يخلصني من بن المقفع، في إشارة إلى مراده التخلص منه ولكن بدون ضجة أو شوشرة، تجنبًا للخلافات مع أعمامه، ومع بقية أركان الدولة!!

وعليه.. ومع النار المتقدة بين سفيان بن المهلب وبن المقفع، فقد أعتبر هذا الأمر بمثابة التوجيه والرغبة .. وكان التنفيذ ..

أمر سفيان بن المهلب بأن يأتوا بابن المقفع إليه مكبلاً بالأغلال، وقد عزم على قتله والتمثيل به، وعندما جيء به قال له:

أتذكر مَا كنت تقول عن أمي؟

ورد عليه عبد الله بن المقفع نادمًا متوسلاً:

أنشدك وأسألك بالله أيُها الأمير

فرد عليه سفيان بن معاوية بن المهلب مُهدداً إياه:

أمي مغتلِمة كما قُلت سترى إن لم أقتلك قتلةً لم يُقتل بها أحدًا قبلك ولّن يُقتل بها أحدًا بَعدك.

بعد ذلك ربطه وآمر بإحضار فرن وأوقده حتى أصبح حاميًا متقدًا، عندها أمر سفيان رجاله بِتقطيع أعضاء وأطراف عبد الله بن المقفع عضوًا عضوًا، وكُلما قطعوا عضوًا من جسم ابن المقفع يقول لهم سفيان بن المهلب: ألقوه وأرموه في النار

فكان رجال سفيان يقطعون أعضاء بن المقفع، ويلقون بها في النار، لتحترق، بينما يرى وينظر لها عبد الله بن المقفع حتى هلك ومات من شدة التعذيب.

ليقول له سفيان قولته الشهيرة وهو يحتضر:

ليس عليّ في المثلة بك حرجٌ، لأنك زنديق قَدْ أفسدت النّاس.

في إشارة إلى أن بعض من الناس، وبعض رجال الدين وقتها، قد وصفوا عبد الله بن المقفع بأنه "زنديق"، وطبعًا كان هناك من أباح دمه، ولكن ليست هذه هي التهمة التي قُتل من أجلها عبد الله بن المقفع، ولكنها كانت للتغطية على صنيع سفيان بن معاوية بن المهلب!!

وعندما طالت غيبة بن المقفع، وسأل عنه أعمام الخليفة أبو جعفر، قال لهم: لا أعلم عنه شيء!! ولو رأيتموه فأحضروه إلي، وهو على علم بما صنعه سفيان بن المهلب، من جريمة القتل المكتملة الأركان، حيث قتل غريمه، وحرق أعضاؤه أمام عينيه!!

ليذهب جثمان عبد الله بن المقفع، في أغرب وأعجب جريمة قتل وتعذيب عرفها التاريخ..
ويبقى أثره الأدبي وسيرته باقية بيننا حتى يومنا هذا.

#شوية_تاريخ

د. أحمد مروان
جعفر الخابوري
جعفر الخابوري
Admin

المساهمات : 159
تاريخ التسجيل : 09/03/2022

https://fjggggvbbbh.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى