كشكول جعفر الخابوري الاسبوعي مارس ٢٠٢٢م

شرعية المفاوضات.. بين الشيخ وبودولاك والكيلُ بمكيالين !

بقلم: عبد السلام ارحيم

لك أن تتخيل عزيزي القارئ أنه وفي هذه اللحظات التي أقوم بها بكتابة هذا المقال، هنالك وفدٌ أوكراني – روسي يجري مفاوضات في منطقةٍ لم يتم الإفصاح عنها، بعد أن كانت الجولتان السابقتان للحوار في بيلاروسيا

على جانبٍ آخر هنالك معاركٌ تدور على الأرض وقصفٌ هنا وهناك في ظل غيابٍ لوزير الدفاع الأوكراني الذي يجلس الآن على طاولة الحوار يمارس دوره التفاوضي مع الروس، رفقة مستشار الرئيس الأوكراني زيلنيسكي ، ميخايلو بودولاك وآخرون من أعضاء الحكومة الأوكرانية

"بدأت روسيا تدركُ كلفة الحرب ونسعى لمفاوضات بناءة"

هذا ما صرح به بودولاك الذي التقط راية المفاوضات منذ اليوم الأول للحرب وبدعمٍ شعبي وإسنادٍ دولي وأممي دون أن يُرمى بالخيانة والعمالة لروسيا أو تحاك حوله الحكايات عن حقبته التي لم يعشها في "الكي جي بي" الروسي إبان سطوة الاتحاد السوفييتي !

طبعاً هذا ليس حقيقياً ولم يرد في أيٍ من وكالات الأنباء ولا بين طياتٍ ورقية لـ "ويكليكس" ولم يتم بثه كوثائقي إذاعي على الموجة الأوكرانية العاملة " 601،7 " fm ، وإنما قصدت هذا التهكم بحروفي والسرد الخيالي للأحداث لأصلِ إلى نقطةِ لقاءٍ مع عنوان مقالي
الآن لنعِد التخيل ولنستبدل الأماكن والأشخاص، ولنقل أن هنالك حرباً على غزة – حتى وإن لم يكن- لا يهُم بالنسبة لـ " كيالي المكاييل" وليس مكيالين فقط !

في طريق الحصول على دولة كما يجب أن تكون، جلس عضو اللجنة التنفيذية حسين الشيخ ليفاوض الإسرائيليين حول دفعةٍ جديدة للم شملهم وملفاتٍ أخرى مكلفٌ بها بحكمِ الدراية وعلمه ببعض الخبايا

هذه المفاوضات التي يخضوها الشيخ وسبقه فيها الراحل عريقات لن تلقى تأييداً من الجانب الآخر المعارض والرافض – ظاهرياً- لمسلك المفاوضات، ولن يقف الأمر عند حد الرفض فقط بل إلقاء الاتهامات المصحوبة والممزوجة بالرمي بالعمالة وخيانة الأمانة تحت عنوانٍ مُزين " إما نصرٌ أو شهادة"

ما أريد قوله هو أن المفاوضات ليست خيانة بقاموس الدول ولم تكن يوماً كذلك وليست كما يريدها البعض وفق قاموسهم الخاص للاستهلاك المحلي " عبثية" وليست أيضاً طوق النجاة الوحيد للوصول إلى بر الدولة لكنها أحد أهم الخيارات التي تتبعها الدول والشعوب لنيل حريتها.